لقد شكل شعر الملحون مرآة للمجتمع المغربي تمكن شعراءه بفضل حسهم المرهف وتفاعلهم الـتـام مـع قضايا كـل الفئات الاجتماعية من تلخيص تجاربهم واستخلاص العبر والدروس منها، كما ساهم في تهذيب الوجدان واكتناه الجمال في كل المخلوقات بمختلف مكوناتها؛ في محاكاة رائعة تروم توجيه الأفراد للعيش في تناغم وتوازن مع محيطهم. كما كانت تبسط لهم كل المعارف والمهارات الدينية منها والحياتية للابتعاد بهم عن العزلة والحيرة والانحراف والضياع
وإنه لضرب من الوهم أن نخال أن الاهتمام بدراسة وتدريس التراث الثقافي للأمة يندرج ضمن سياق سياسي أو إيديولوجي معين، بل إن حذف الذاكرة الإبداعية للأمة هو الذي يندرج ضمن مخطط يروم اقتلاع جدور مكونات هوية أفراد المجتمع، إن النتيجة الوحيدة والحقيقية لتغِييب هذا التراث الشعري الهائل هي طمس معالم الهوية الإبداعية للمغاربة وإذكاء الشعور بخُلو تاريخ المغرب من مبدعين خلاقين في فن القول الشعري، وتغِييب النماذج الأدبية الشعرية في الذاكرة والتاريخ الثقافي المغربي
وعليه، فقد أصبح صون هذا التراث والحفاظ عليه مسؤولية وطنية تستلزم؛ أولا نشر الوعي بأهمية الـتـراث في تكوين شخصية الفرد والمجتمع وربطه بـجـدوره التاريخية والثقافية؛ ثانيا، حماية المجتمع من الانجراف والتفريط في خضم الصراع الهوياتي الذي تعرفه المنطقة والعالم اليوم؛ ثالثا، صون تراث الملحون المغربي من الاستغلال غير الثقافي والتزوير والتزييف التاريخي
إن إصدار دواويـن شعراء الملحون وإطلاق مبادرة تسجيل تراث الملحون المغربي ضمن لائحة التراث الثقافي اللامادي لدى منظمة اليونيسكو ومضامين ومستجدات قانون إعادة تنظيم أكاديمية المملكة المغربية، تعتبر البداية الصحيحة لصون هذا التراث وتعبر عن الوعي الراسخ بالمسؤولية الوطنية لهذه المؤسسة
إن هذه عقيدة ملحونيات آزمور؛ التي تأسست عليها منذ 2011 ٬والتي تعكس إيمان كل الأطراف بقضية التراث والهوية الثقافية٬ وأدوارها في صون وحدة الأمة والوطن