تصور الدورة التاسعة للملتقى الدولي لفن الملحون
تنخرط ملحونيات 2019 في الدينامية التي تقودها أكاديمية المملكة المغربية ووزارة الثقافة لتسجيل فن الملحون ضمن اللائحة التمثيلية للتراث الإنساني اللامادي.
كان الإطلاق الرسمي لطلب إدراج فن الملحون ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي لمنظمة اليونسكو باعتباره ديوان المغاربة الحاضن لعبقريتهم الفنية وذاكرتهم الثقافية والحضارية والإنسانية؛ من طرف أكاديمية المملكة المغربية ووزارة الثقافة خلال اللقاء التشاوري يوم 9 يناير 2018 بمقر الأكاديمية.
انعقدت بعدها ثلاث ورشات جهوية بالمغرب في نفس الموضوع لتقديم مضمون اتفاقية اليونسكو (2003) ومسطرة إعداد ملفات الترشيح قصد إدراج عناصر التراث الثقافي غير المادي ضمن لوائح اليونسكو، وتسجيل موافقة المشاركين من باحثين وشعراء ومنشدين وموسيقيين ومهتمين، وانعقدت آخر ورشة جهوية بدار الصانع بمدينة آزمور يوم 25 أكتوبر 2018.
يتأسس تصور دورة ملحونيات 2019 على:
ــ تفرد المغاربة في إبداع فن الملحون بكل الخصوصيات المرتبطة به على المستوى الفني والاحتفالي والاجتماعي الشيء الذي جعل منه ديوانا للمغاربة وديدنهم الثقافي،
ــ الإشعاع الكبير الذي عرفه هذا الإبداع وامتداداته وكل الطقوس المرتبطة به إلى شعوب ومجتمعات أخرى.
ــ محورية فن الملحون وتأثيره في العديد من الفنون الأدبية والتراثية المغربية وغير المغربية على مستوى الشعري والإيقاعي والنغمي.
سيرة ذاتية عن محمد بلمهدي الزموري
إزداد بن المهدي فرحات سنة 1912م بمدينة آزمور بدرب العرصة، درس في صغره بجامع المعاشات على يد الفقيه سي محمد بلفيطح. لكن سرعان تركه ليحترف الحدادة مع واله.
في هذه المرحلة وما بعدها بقليل نشأ بن المهدي في أحضان الزاوية الحمدوشية التي كانت تنتسب عليها عائلته، غير أنه سرعان ما “تقدم” للزاوية العيساوية بعد نقاش وقع له مع “مقدمها”. وقد كانت هي الخطوة المنعطف الحقيقي في شخصية بن المهدي وحياته، لأنها ستمهد له الرحلة الطويلة إلى سلا المرتع الرئيسي الذي أهله للخروج من بوتقة الزاوية وأذكارها إلى عالم الملحون الواسع.
وتشاء الصدف أن يشتغل بالحدادة في “الفندق” مع المعلم لخناتي بباب الخميس حيث كان الولع بالملحون شديدا، وأن يسكن عند عائلة بنغانم وأن يرافق بنعيسى مقدم الزاوية العيساوية بسلا حينذاك. ودام السكن والعمل والرفقة بسلا مدة 28 سنة، كان بن المهدي يزور فيها مدينة آزمور شهريا لتفقد عائلته وابنه شاعر الملحون سي محمد بن محمد بن المهدي فرحات رخمة الله عليه، والذي استقر بالبيضاء لظروف عمله واستقر معه الشيخ بعد رجوعه من مدينة سلا.
إن اهتمام بن المهدي بالملحون جد واسع، فهو ليس شاعرا أو منشدا أو خزانا أو حفاظا أو ناقدا فحسب، بل هو كل ذلك، إذ نجد عنده أنفس القصائد المغربية والجزائرية وحتى العبرية التي يحفظ منها قرابة العشر. أما عن إنشاده فنشير هنا إلى رواية عنه شخصيا وعن غيره، تحكي أن الفقيه سيدي محمد الرضي إبن الشاعر الكبير الحاج إدريس بن علي السناني الذي نزل آزمور فترة من الزمن، كان يدعوه هو والمنشد “سي عبد الرحمان ولد الشعالا” إلى داره ليستمع إلى إنشادهما قائلا:” أنشدونا من نظم الوالد”. وكان يستحسن ذلك منهم وقد كان شيخنا بالمقابل يحرص على الجلوس لدروسه للإفادة منها والتحصيل.