تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، نظمت  مؤسسة “الموكار” موسم طانطان ما بين 05 و 10 مايو  2017 في  نسخته الثالثة عشر ، تحت شعار “ موسم طانطان موروث ثقافي مغربي ببعد إفريقي “٬ و قد تميزت هذه التظاهرة العالمية الكبرى بمشاركة هامة من دولة الإمارات العربية المتحدة و جمعية الصقارين القواسم لأحد أولاد افرج بإقليم الجديدة المغربية٬ حيث ٲثاروا إعجاب زوار موسم طانطان الذين صفقوا كثيرا لعروضهم المتنوعة الجذابة.

 

وتضمنت الدورة الثالثة عشر لموسم طانطان- الذي هو احتفال كبير يجسد مختلف مظاهر الحياة الصحراوية بعاداتها وتقاليدها- أمسيات فنية وندوات فكرية ومعارض تراثية قدمت جوانب من التراث اللامادي الإماراتي و المغربي، و سباق الهجن وفرق التبوريدة التي مثلت مختلف جهات المملكة المغربية والتي قدمت طيلة أيام هذه التظاهرة عروضا في فن الفروسية التقليدية “التبوريدة”. كما تضمن الموسم إقامة معارض للمخطوطات والفن التشكيلي والصور الفوتوغرافية ومسابقات في الشعر الحساني.

وشهد الموسم أيضا مسابقة أحسن إنتاج للبن «المحالب»، بمشاركة وتنسيق من وزارة الفلاحة المغربية واتحاد سباقات الهجن بدولة الإمارات العربية المتحدة. وشهدت المسابقة مشاركة أكثر من 100 ناقة غزيرة اللبن من مختلف قبائل إقليم طانطان. كما شهدت إقبالاً كبيراً من جانب الجمهور المغربي والمقيمين العرب والأجانب، حيث تعد الإمارات أول دولة عربية تقيم هذه المسابقة وتخصص لها الجوائز القيمة.

كما عرفت هذه الدورة تنظيم رواق للصناعة التقليدية لجميع جهات المملكة، وإقامة خيام موضوعاتية للمملكة  المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة ، وكذا تنظيم سباق مختلط بين الفروسية والإبل، وكرنفال استعراضي شاركت فيه فرق محلية ووطنية مغربية ومن دولة الإمارات العربية المتحدة ومن دول إفريقية، فضلا عن جلسات شعرية وأنشطة رياضية وأمسيات فنية.

وقد أبرزت  خلال هذه التظاهرة الكبرى لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية الإماراتية الممارسات التراثية لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال الصور واللوحات والكتيبات المعروضة، إلى جانب الفعاليات التراثية المتعددة والمتنوعة التي شهدها موسم طانطان في دورته الثالثة عشر. كما عملت أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية على تنظيم أمسيات شعرية تحاكي التراث بلغته العذبة لغة الشعراء التي ستبقى ناقلة لهذا الجمال الرائع الذي يطلق عليه اسم التراث.

وأشرف اتحاد سباقات الهجن على تنظيم مسابقات الإبل والمحالب التراثية من أجل صون التراث الإماراتي والتعريف به ضمن فعاليات موسم طانطان الثقافي في دورته الثالثة عشر. كما عرضت لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية عدة برامج ثقافية و فنية متنوعة خلال هذا المهرجان الكبير٬ مما لفت الأنظار إلى مدى التقارب والتشابه الإماراتي المغربي من هذه النواحي. بالإضافة إلى سوق الحرفيات الإماراتية الذي أشرفت عليه اللجنة بالتعاون مع الاتحاد النسائي العام، بغية إبراز فنون الطهي والحناء والحرف التقليدية والملابس الشعبية والحلي الإماراتية الأصيلة. وتضمنت أيضا المشاركة الإماراتية استعراضات للصقارين الإماراتيين ومعدات الصقارة التقليدية بالتعاون مع نادي صقاري الإمارات وجمعية الصقارين بأحد ٲولاد افرج بإقليم الجديدة المغربية، إضافة لفن إعداد وتقديم القهوة العربية التقليدية.

وقدمت فرقة أبوظبي للفنون الشعبية رقصات فنية وأهازيج من التراث الشعبي، وتفاعل معها الجمهور بشكل كبير وواضح، الشيء الذي عكس الصورة الحضارية والتراثية والثقافية المشرقة للإمارات في العالم العربي و خصوصًا في المملكة المغربية.

وهكذا ٬ شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة للمرة الرابعة على التوالي في مهرجان طانطان بالمملكة المغربية٬ نظرا للاهتمام الكبير الذي توليه الدولتان لجهود صون التراث غير المادي والثقافة الشعبية.

وإذا كانت مدينة طانطان المغربية تحتضن هذا الحدث الكبير٬ فذلك لكون ٲهل الصحراء يعتبرونه إرثا تاريخيا، يعيدون عبره إلى الذاكرة البعض من عادات وتقاليد البدو الرحل٬علما أن هذا المهرجان صنف من قبل منظمة اليونسكو كإحدى روائع التراث الشفهي غير المادي للبشرية، يحتفي بالثقافة البدوية وفراسة أهلها من خلال صون مختلف أبعاد الحياة اليومية كوسيلة للتنمية المستدامة.

وتعتبر هذه التظاهرة مناسبة لتجمع الآلاف من مختلف المناطق من الرحل بمدينة طانطان التي أدرجت في سبتمبر 2004 من قبل منظمة اليونسكو كموقع للتراث العالمي، وباتت ملتقى لحُماة التراث وفرصة لإبراز إبداعات أهل الصحراء الفنية والصناعية والثقافية والتراثية، وهذا ما يجعل الموسم فرصة حقيقية للجمع بين الرحل والزوار لتقاسم الثقافة الصحراوية المغربية والإماراتية وغيرها من الثقافات المشاركة.

و قد قدمت الإمارات العربية المتحدة – التي صارت شريكا منذ دورة 2015-العديد من العروض التي تعرف أكثر بالتراث الإماراتي وتطبع جزءا من المهرجان بطابع إماراتي.

وفي هذا المجال٬ أكد فارس خلف المزروعي رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، أهمية المشاركة الإماراتية المتواصلة والفاعلة في موسم طانطان في إطار حوار الثقافات وتعزيز جهود التواصل بين أركان التراث الثقافي البدوي الأصيل، وتطوير العلاقات الثقافية المتميزة بين كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية. كما أكد على أهمية المشاركة الإماراتية في موسم طانطان المندرج في إطار فلسفة حوار الثقافات وتعزيز جهود التواصل بين أركان التراث الثقافي البدوي الأصيل، والتي تأتي أيضا في إطار تطوير العلاقات الثقافية المتميزة بين كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية ، وذلك طبقا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حفظه الله وحرصه الكبير على صون التراث الثقافي، واهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمتابعة الدائمة من قبل سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، الذي يحب المغرب بكل صدق من قلبه و روحه والذي حرص على زيارة موسم طانطان في جميع دوارته السابقة. و أشار أيضا إلى أن مشاركة الإمارات المتواصلة في موسم طانطان الثقافي تؤكد العلاقات المميزة بين البلدين الشقيقين تحت القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حفظه الله، وأخيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس عاهل المملكة المغربية،حفظهما الله وسدد خطاهما نحو الخير والازدهار.

وأشاد بالعلاقات الحافلة بالعطاء والتميز بين المغرب و الإمارات والتي أرسى قواعدها المتينة المغفور لهما بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات والملك العبقري الحسن الثاني، طيب الله ثراهما.

وكشف أنّه تم افتتاح ميدان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لسباقات الهجن في إقليم طانطان، والذي يعد أكبر مضمار لسباق الهجن من نوعه في إفريقيا، وذلك في ظل حرص متبادل للحفاظ على التقاليد العربية الأصيلة وصون الموروث المشترك، وتطوير سباقات الهجن.

ومن جانبه٬أكد عبدالله بطي القبيسي مدير إدارة الفعاليات والاتصال في اللجنة، أنّ موسم طانطان يُشكل منذ سنة 2015 فرصة للتعريف بجهود الإمارات في تسجيل عناصر التراث المعنوي ضمن قائمة اليونسكو للتراث الإنساني غير المادي، واعتبر أن مشاركة الإماراتيين في موسم طانطان كانت فعالة بشكل ملحوظ واستقطبت اهتمام الآلاف من جمهور المهرجان.

وأوضح القبيسي أنّ فرقة أبوظبي للفنون الشعبية التابعة للجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية قدّمت العديد من فنون الأداء الإماراتية للجمهور على مدار أيام المهرجان.

وأضاف أنه تم كذلك إبراز العديد من عناصر الثقافة الإماراتية من خلال الملتقى الثقافي الذي شهد تخصيص مجموعة من المحاضرات واللقاءات التي ٲبرزت الالتقاء الثقافي بين الإمارات والمغرب في مختلف الجوانب، وخاصة في مجال التراث المعنوي والفنون الشعبية، كما تم تنظيم العديد من ٲوراش عمل الحرف اليدوية يوميا في جناح دولة الإمارات.كما ٲشار إلى ٲن برنامج الفعاليات شمل مشاركة عدد من الفنانين الإماراتيين بإحياء حفلات غنائية لجمهور موسم طانطان، من بينهم معضد الكعبي، حمد العامري، أحمد العلي وعيسى الكعبي.

كما شهدت خيمة دولة الإمارات في موسم طانطان تنظيم أمسية شعرية مميزة للشعراء الإماراتيين٬ نذكر من بينهم كريم معتوق، سيف سالم المنصوري، جابر بن شنان الأحبابي، حمد سعيد البلوشي، خميس بن بليشه الكتبي، عبيد مبارك المزروعي، محمد بن حيمد المنهالي وحسن بن مساعد المنصوري.

ومن جهته٬ أعرب السيد عبيد المزروعي عن سعادته بمشاركة دولة الامارات العربية المتحدة في فعاليات مهرجان طانطان٬ متمنيا استمرار مثل هذه المهرجانات التي تهتم بهذا الجانب من التراث الإنساني الأصيل٬ ومثمنا الجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية في بعث هذه الهواية الأصيلة في نفوس الشباب والحفاظ عليها جيلاً بعد جيل للحفاظ على جزء مضيء من التاريخ العربي. كما ثمن الضيافة المغربية وما لاقاه الوفد الاماراتي من ترحيب وحسن استقبال من طرف السلطات الٳقليمية بطانطان و مؤسسة “الموكار” المنظمة لموسم طانطان الثقافي. كما أشار إلى أن الهدف من المشاركة الإماراتية في موسم طانطان بانتظام هو التعريف بالتراث الإماراتي باعتباره مصدر فخر واعتزاز وتشجيع التعاون الثقافي والتراثي بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية.

أما السيد محمد الغزواني رئيس جمعية الصقارين القواسم بأحد أولاد افرج بإقليم الجديدة المغربية ، فقد أبرز بٲن النسخة الثالثة عشر من مهرجان طانطان كانت مميزة بحضور الٲشقاء الإماراتيين الذي أضاف حضورهم الفعلي بطانطان قيمة كبيرة و متميزة لموسم طانطان الثقافي المصنف سنة 2005 من قبل منظمة اليونيسكو ضمن “روائع التراث الشفهي واللامادي للإنسانية” والمسجل سنة 2008 بالقائمة الممثلة للتراث الثقافي اللامادي للإنسانية. وقد سعدت كثيرا بوجود الوفد الإماراتي الهام في طانطان الذي يغري بأراضيه الجميلة وبحره الخلاب الذي لا يبعد كثيرا عن مدينة طانطان.وقد لامست من خلال احتكاكي منذ سنين بالموروث الثقافي الإماراتي مدى التقارب العجيب بين الشعب الإماراتي و المغربي. والمشاركة الفعالة الإماراتية بموسم طانطان تزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين الإمارات  العربية المتحدة و المملكة المغربية . وإن الإمارات كما ٲعرفها و يعرفها العالم أجمع لا تعرف سوى التحديات الكبرى، ومنها إصرارها على النجاح في إبراز الثقافة والتراث العربي الٲصيل وما يحمله من وزن وهوية حضارية . وهي دائما تشجع سنويا تظاهرة طانطان لأنها تشكل بعدا إنسانيا استراتيجيا في تكاثف الشعوب العربية.

و تجدر الإشارة في الأخير إلى أن كل أعضاء الوفد الإماراتي المشارك في الدورة الثالثة عشر لمهرجان طانطان  عبروا عن شكرهم وامتنانهم لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي أتاح لهم فرصة المشاركة في التظاهرة العالمية لطانطان، كما عبروا عن شكرهم للمملكة المغربية ملكاً وحكومةً وشعباً على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن العناية التي تعكس أصالة الشعب المغربي الطيب الضاربة جذورها في أعماق التاريخ.

 

وتجدر الإشارة كذلك إلى ٲن موسم طانطان نظم لأول مرة سنة 1963 كملتقى تجاري في المقام الأول وكتظاهرة ثقافية ودينية، حيث كانت تؤمه وفود من مختلف المناطق المغربية الشمالية والجنوبية المستعمرة آنذاك من قبل الاستعمار الإسباني.