هذه المنطقة ، وبعد أن غاصت قدماها في التاريخ بداية من القرن الثامن عشر، أي منذ أن أسس بها المولى إسماعيل سنة 1713/1714 الموافق لـ 1122 هجرية قلعة أبي الأعوان، أدركت اليوم أنها بحاجة إلى استغلال كل إمكانياتها، خاصة القطاع السياحي الذي مازال مهمشا بالمنطقة رغم توفر العديد من الثروات السياحية والطبيعية التي تعد بالكثير في حالة استغلالها·· ويعتبر نهر أم الربيع، من أهم المواقع التي تزخر بها منطقة بولعوان التي يقضي فيها الفضوليون وقتهم في التمتع بالإمكانيات الطبيعية الهائلة التي تمزج بين النهر والغابة والجبل، ، كما تصلح هذه المنطقة للتسلية الملاحية عن طريق القوارب· وتتوفر كذلك هذه المنطقة على قلعة أبي الأعوان الواقعة الضفة اليسرى لنهر أم الربيع على ربوة مرتفعة ،و التي تتواجد في مفترق الطرق الرابطة بين ثلاث قبائل مهمة ( دكالة والشاوية والرحامنة مما يتيح لها إمكانية مراقبة محور طرقي هام الرابط بين الشمال والجنوب. ينتظم هذا المعلم على شكل رباعي الأضلاع غير منتظم. وفي السفح الجنوبي كانت ترتفع خمسة أبراج داعمة. وفي البرج الأوسط، ينتصب باب كبير. أما السفح الشمالي فكان محصن بأبراج تحمي زوايا السور فقط. من جهة الغرب كان هناك برج نصف دائري ومن الشرق برج مستطيل.و تتكئ على هذا الأخير بناءات تحتوي على باب سري يربط، عبر ممر منعرج، القصبة بالنهر الموجود أسفلها.
و قد بني الباب الرئيسي للقلعة بالحجر المشذب وهو على شكل عقد منكسر متجاوز ذو مركزين، وتحمله عضاضتان. وتعلو نقيشة على شكل إفريز إطار الباب، وتحمل تاريخ بناء القصبة واسم المهندس الذي أوكل إليه مولاي إسماعيل القيام بذلك. كان تصميم الباب في الأصل منعرجا إلا أن أدخلت عليه إصلاحات جعلته ممرا مستقيما. ويحتوي في داخله على حجرات وحجرات الحراس. ويمكن درج من الارتقاء إلى سطحه، كما يمكن من الوصول إلى غرفة فوق الباب تتصل بممشى الحراسة.
ويوجد داخل القصبة حي سكني يسمى بدار السلطان، يحتوي على برج مخصص للسكن وفي نفس الوقت للحراسة.و قد كان يضم هذا الجانب كذلك المراحيض والحمام وبعض الغرف السكنية الجميلة كما كانت تؤكد على ذلك الزخرفة التي خصصت لها من زليج وجبص منقوش وأجزاء من أعمدة رخامية.
كما كانت تحتوي القصبة على مخازن وإسطبلات ومسجد ذو مئذنة وخزان للمياه. وفي المنطقة التي كانت فيها الربوة شديدة الانحدار تم تدعيمها بجدار لخلق منصة مصطنعة تقي هذه الحافة من الانجرافات. من جهة الشرق نجد ممرا طويلا بين جدارين جانبيين. وتحمي غرفة متعددة الأضلاع الزاوية المتجهة نحو الشمال. يصل هذا الممر إلى النهر وإلى صهاريج يحتمل أن تكون قد استعملت لسقاية الحيوانات.
و هذه المعلمة السياحية والأثرية المغربية، التي تطل على الوادي ومناظر خلابة للجبال الشامخة، ترسم صور ولوحات طبيعية مميزة، بعيدا عن التلوث وروائح الوقود وضجيج الحواضر، في طريق وسط الصخور، توفر منظرا رائعا يبعث على الراحة والاطمئنان· وأكثر من ذلك، فقصبة بولعوان، ذات الثقل التاريخي، يستأنس لها المارة ويتوقفون ولو لبضع دقائق للاستمتاع والتأمل،بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يضفي نكهة خاصة على المكان الذي مازال يحافظ على عذريته في بعض زواياه بتنوع النباتات والأشجار· لكن رغم كل هذه الإمكانيات، فإن السياحة في هذه المنطقة لم يُسمح لها أن تقول كلمتها، خاصة مع غياب أي تجهيز لاستقبال السياح كالمركبات السياحية والفنادق، بالإضافة إلى عدم وجود إرادة صريحة لدفع عجلة السياحة بهذه المنطقة، باستغلال هذه المواقع ومحاولة حمايتها وحماية مكوناتها· وأكثر ما هو معرض للزوال في هذه المنطقة هي القصبة التي أصبحت مهددة “بالانقراض” بسبب غياب أدنى شروط التكفل بها· كما أن بناء هياكل وتجهيزات سياحية هناك سيساهم لا محالة في رفع مستوى اقتصاد الجماعة وتوفير مناصب الشغل للشبان، مع العلم أن السياحة في هذه المنطقة لا ترتبط بأي فصل معين من فصول السنة، فهي منطقة تضمن الراحة والاستمتاع والتأمل على مدار كل أيام وفصول السنة، ولكنها بحاجة إلى تطوير وتشجيع واستغلال، ما يستلزم النهوض بهذا القطاع الذي سيمتص نسبة كبيرة من البطالة ويحقق دفعا اقتصاديا للمنطقة·