يجمع برنامج مهرجان الصقارة القواسم في دورته الخامسة بين التقاليد المحلية و الموروث الديني والثقافي لمنطقة دكالة.إضافة إلى رياضة الصيد بالصقور، كتراث لامادي يساهم بشكل كبير في التنمية المحلية و السياحة البيئية، بالإضافة إلى عروض غنية ومتنوعة تزاوج بين الموسيقى الشعبية وفن الصيد بالسلوقي، يصحب ذلك مسابقة في التصوير الفوتوغرافي للطير الحرّ، ومسابقات في الفنون التشكيلية للشباب والكبار في مجال الطير الحرّ، ومعرض خاص بالصيد بالصقور في العالم العربي، مع عرض منتوجات الصناعة التقليدية المحلية وفقرات في الفروسية التقليدية أو التبوريدة. ويُشارك عدة شخصيات من الدول العربية ومن أوروبا والعديد من المهتمين بالصيد بالصقور في هذه التظاهرة الثقافية.
ويسعى منظمو هذه التظاهرة التراثية، التي تنظم تحت إشراف عمالة الجديدة، وبمبادرة من الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة والمديرية الجهوية للثقافة وجمعية الصقارين القواسم أولاد افرج، إلى دعم جهود صون التراث الثقافي و التقاليد الدكالية الأصيلة وإلى تعزيز جهود صون فن الصقارة كتراث ثقافي إنساني يمكن توظيفه في إطار الحفاظ على البيئة و التنمية المستدامة، وإبراز علاقة التعاون بين الصقار والخيل والصقر والسلوقي.
ويسعى المنظّمون كذلك، من خلال مهرجان الصقارة القواسم ، إلى تثمين هذا التراث العريق وإعادة الاعتبار إلى مختلف الجوانب الأخرى المرتبطة بهذا الموروث التقليدي، خاصة تلك المتعلّقة بأدوات القنص واللباس التقليدي والموسيقى الشعبية، والرقص وفنّ الطبخ التقليدي، من دون إغفال رفيق الصقارة، وهما الفرس والسلوقي اللذان شكّلا على مرّ العصور جزءاً لا يتجزّأ من ممارسة الصيد بالصقور.كما أن هدفهم الرئيسي بكل وضوح هو الترسيخ لدى الأبناء مبدإ الوفاء لتراث الآباء والأجداد٬ لكي يكون فن الصقارة امتداد لمآثر وأمجاد السلف العظيمة الخالدة في ذاكرة التاريخ٬ ولكي يعيد كتابته الخلف الطيب بماء من ذهب.
وسيتضمن البرنامج كذلك استعراضا لبعض مكونات التراث الثقافي بالمنطقة بمشاركة عدة فرق فنية شعبية شهيرة في المغرب بتقديمها الفن الغنائي الشعبي: مجموعة الشرف لنجوم دكالة أولاد افرج- مجموعة سهام التراث الموسيقي الشعبي- مجموعة تڭدة- مجموعة اللعابات- مجموعة الڭرن و السواكن و عيساوة- مجموعة سحيثة للفن الشعبي أولاد افرج- مجموعة ولد الصوبة للفن الشعبي.
يذكر أن فن الصقارة بالمغرب عرف ولمدة طويلة عصرا ذهبيا حقيقيا، وشكل فنا للعيش نظمته قواعد خاصة وطقوس متأصلة لدى القبائل المغربية، خاصة لدى قبيلة القواسم التي أولت اهتماما خاصا بالطير الحر والصيد به.
ولابد ٲن نشير إلى ٲن الاهتمام المتزايد بالصقور وإعادة إحياء فن البيزرة بزاوية القواسم أولاد افرج ما كان إلى ما وصل إليه من العالمية لولا المجهودات الجبارة التي بذلها السيد محمد الغزواني و ٲصدقائه من رجالات الصحافة السادة المصطفى لخيار و احمد شهيد و الحاج عبد المجيد نجدي. ففي سنة 1984 اصدر باللغة الفرنسية المصطفى لخيار كتاب ” دكالة وكر تربية الصقور بالمغرب” ترجمه إلى اللغة العربية إلى حلقات لفائدة جريدة الصحراء المغربية الحاج عبد المجيد نجدي سنة 1989،كما اصدر احمد شهيد سنة 2010 باللغة الفرنسية مؤلفا بعنوان ” فن البيزرة.. السياحة بالجديدة”. وهؤلاء الباحثين الثلاثة تعتبر كتاباتهم مرجعا ينهل منها الجميع و يرتكزون عليها في مقالاتهم جل الصحفيين و الإعلاميين. وهذه الجهود المبذولة من طرف السيد محمد الغزواني و ٲصدقائه من رجالات الصحافة السادة المصطفى لخيار و احمد شهيد و الحاج عبد المجيد نجدي هدفها الحفاظ على هذا التراث الأصيل٬ والتي من خلالها تجسد باقة واسعة من القيم والتقاليد الاجتماعية المتوارثة ومرجعا للإرث الثقافي٬ وكذا الترويج الاقتصادي وإنعاش السياحة بالعالم القروي بإقليم الجديدة و خصوصا زاوية القواسم أولاد افرج.وفي هذا الصدد جاءت فكرة إنشاء محمية شركة البوادي أولاد افرج .
وتهدف المحمية إلى نشر الوعي والارتقاء بمستوى رياضة الصيد بالصقور لدى قبيلة القواسم أولاد افرج بهدف المحافظة عليها كتراث مهم في المنطقة فضلا عن نشر أخلاقيات رياضة الصيد بالصقور والتعريف بصفات الصقر وعاداته وأطوار حياته وأنواعه ومواطنه الأصلية وهجراته الى جانب نقل إرث الأجداد إلى الأجيال القادمة تحقيقا لاستمرارية هذه الهواية على نحو سليم.
جهود متميزة لصون التراث
استطاع مهرجان الصقارة القواسم تطوير ذاته خلال مسيرته بعد أول تجربة سنة 2013 و بإمكانيات جد متواضعة، وهذا بفضل عزيمة قوية من الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة والمديرية الجهوية للثقافة وجمعية الصقارين القواسم أولاد افرج وفعاليات ثقافية وطنية وغيرهم كثير نساء ورجالا . هؤلاء صنعوا المهرجان إلى جانب ساكنة الجماعة القروية القواسم بأولاد افرج التي تجندت حسب إمكانياتها من أجل أن تستمر هذه التظاهرة الدولية التي تتميز بها الجماعة٬ لأن حرارة فن الصيد بالصقور أجمل وعشقه أقوى يستلهم طاقته من التلاؤم بين الثقافات و الحضارات٬ والتي يعتبر المغرب أحد أهم فضاءاتها. فليستمر هذا العشق إلى الأبد ولتبقى قبيلة القواسم منطقة غنية بموروثها الثقافي الضارب جذوره وروافده في التاريخ. فمهرجان الصقارة قد يخرج جماعة القواسم- ذات الموقع الاستراتيجي وعاداتها و تقاليدها- من النفق المظلم ومن النسيان، وأن يعيد لها ولساكنتها الاعتبار، ويساهم في إقلاع منطقة أولاد افرج على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، ما من شأنه أن يجعل منها محجا وقبلة، يؤم إليها الزوار والسياح من داخل وخارج أرض الوطن.
وتجدر الإشارة إلى أن قبيلة القواسم بإقليم الجديدة، خاصة دوار السماعلة بأحد أولاد افرج بإقليم الجديدة، إضافة إلى منطقة أولاد عمران(واهلة) بإقليم سيدي بنور، تعتبرالمعقل الرئيسي لتربية الصقور والصيد بها. مع العلم أن جمعية القواسم للصيد بالصقور بأحد أولاد افرج بإقليم الجديدة تساهم بشكل كبير في الحفاظ على هذا الموروث التقليدي الأصيل.