مدينة الجديدة 2016 تغرقُ في الأزبالِ وتتوج عاصمة للأزبال
بامتياز بدخولها موسوعة كنيس للأرقام القياسية
كتابة : الحاج عبد المجيد نجدي
في الوقت الذي يستعد فيه المغرب لتنظيم مؤتمر التغيرات المناخية (كوب22) بمراكش ما بين 7 و18نونبر 2016، فالوضع البيئي بمدينة الجديدة يتفاقم ويزداد تدهورا بسبب الانتشار الواسع والفضيع للأزبال والنفايات في جل المناطق والأحياء، حيث أن ظاهرة أكوام الازبال أصبحت منتشرة في كل أرجاء المدينة وأرصفتها، بل حتى بجانب المؤسسات الإدارية التي هي كذلك بدورها أصبحت تعاني من انتشار الأزبال بجانبها مهددة بذلك السلامة الصحية المواطنين.وفي ظل غياب حاويات للنفايات، يضطر المواطن إلى رمي الأزبال بطريقة عشوائية، مما جعل مدينة الجديدة 2016 تغرقُ في الأزبالِ،ناهيكم من الحياد السلبي للمسؤولين عن الشأن المحلي والإقليمي والجهوي.
لم يشفع الماضي المجيد لمدينة الجديدة و تاريخها العريق وموقعها المتميز من إيقاظ ضمائر السلطات الإقليمية و المحلية و المجلس البلدي لإنقاذ مدينة الجديدة 2016 من مخالب ذيل ترتيب المدن المشلولة والعاجزة تقدما وتطورا في شتى المجالات، ليبتليها من جديد بفشل التسيير وفقدان حسن التدبير بوباء اللانظافة الذي ترجمته الحالة البائسة التي تعرفها جل شوارع وأحياء المدينة التي تحوّلت بقدرة قادر إلى مدينة تحتضن تلال النفايات والأوساخ التي طمست كل ما يرمز لعالم البيئة الطاهرة والنظيفة ، فالزائر لمدينة الجديدة يقوده بصره إلى الانتشار الواسع للقاذورات بمختلف موديلاتها . بقايا سلع التجار، نفايات منزلية ،حشائش وأعشاب شوكية و... و... . وما فوقها وتحتها أسراب من الحشرات الضارة والحيوانات السائبة وهي تشكر صبحة وعشية مسؤولي المدينة من سلطات و منتخبين على حسن الصنيع أو الخدمة بعد أن جهّزوا ووفّروا لها البيئة الملائمة للعيش " السعيد " بفعل ترك الأوساخ لمدة أطول دون إزالتها من جهة وفقدان الكثير من الأحياء ذات الكثافة السكانية الكبيرة لحاويات القمامة و استهتار الشركة المسؤولة بصحة المواطنين من جهة ثانية. الأمر الذي جعل من الروائح الكريهة تعطّر شوارع المدينة بفعل تخمّر النفايات.
و يا ليت اقتصر الأمر على الأحياء والشوارع الثانوية فقط ، بل تعدّاه ليشمل تلك الأحياء المكناة راقية و الإدارات. وما زاد في تعفين الوضع وسوداوية صورته غياب المراحيض العمومية التي ساهم افتقارها بالمدينة في انتشار ثقافة التبول في العراء. ولا نذيع سرا إذا ما قلنا ان عاصمة الإقليم ومرآته أصبحت لها زوايا وأركان في الهواء الطلق مشهود لها بقضاء الحاجة في مناظر عادة ما تمزق معها غطاء الحياء . والغريب في الأمر أن مثل هذه الأمكنة والشوارع والأحياء السوداء التي تكتنز جبال الأوساخ والقاذورات و المراحيض العشوائية تتبرك يوميا بمرور المسؤولين من سلطات إقليمية و محلية على مختلف مستوياتهم، سواءا مترجلين أو على متن السيارات من دون أن تحرّك فيهم هكذا صور مقززة الشعور بالتقاعس ولو من باب التذكير أو النهي عن المنكر. ما يوحي بأن الجميع متواطئا والجريمة المرتكبة هي السكوت والتشبّع بثقافة " تفوت راسي و تجي في من ابغات".
وفي الوقت الذي كان لزاما على المجلس البلدي/القروي إيجاد حلول لهذه الكارثة البيئية، لوحظ واضحا بأن المنتخبين المسؤولين عن الشأن المحلي في سبات عميق، غائبون عن تداركِ الوضع، مما جعل من هذه المدينة عاصمة للأزبال بامتياز وحطمت الرقم القياسي لموسوعة كنيس للأرقام القياسية ،وذلك لعدم اتخاذهم لأي إجراء أو مبادرة لرفع المعاناة التي تعيشها الساكنة في صمت من جراء هذه الكارثة البيئية التي أصبحت تدق ناقوس الخطر ،بحيث أن الوضع أصبح ينذر باحتمال وقوع كارثة بيئية يمكن أن تنعكس سلبا على صحة الساكنة.
وبالرغم من تحميل السلطات و المنتخبين مسؤولية الحفاظ على النظافة والبيئة والصحة العامة وتوفير بيئة جاذبة للسكان والسياح، إلا أن شركة التدبير المفوض لها نظافة المدينة تصر على تلويث وتشويه هذه الأهداف وزيادة نسبة سخط المواطنين عن أدائها وخدماتها، من خلال تقصيرها في القيام بواجبها.
هذه الشركة لا تقوم بواجبها مبررة ذلك بعدم توصلها بمستحقاتها من البلدية و كأنها فاعلة خير و حسب، بل الأنكى من ذلك أن عملية شحن الأزبال والنفايات تسير بوتيرة بطيئة جدا و لا تقوم الشركة حتى بغسل و تعقيم تلك الحاويات المتلاشية أصلا.. مع العلم بأنه مرت سنين على تحمل هذه الشركة مسؤولية تدبير قطاع النظافة، وهي مهام تتقاضى عنها أموالا طائلة من ميزانية الجماعة المحلية ، لكن دون أن يرقى عملها لطموح السكان وبالتالي إقناعهم بقيمتها المضافة في المجال.
ولا بد في هذا السياق تحميل المسؤولية أيضا للمواطنين نتيجة عدم التزام جلهم بمواقيت رمي نفاياتهم وكذا الرمي العشوائي ، ينضاف إليهم الهيئات والجمعيات المنخرطة في هذا المجال والتي وجب على مسؤوليها التحلي بالسلوكيات الحضرية والمدنية في طريقة تعاملهم مع تنقية الأجواء، لأن النواح على ما تمنحه الدولة من " بقشيش " تقابله كما يقال " حنة اليد "، أي برنامج العمل الفعلي وليس الوهمي المدوّن في التقارير ، وأمام هذا الوضع الذي تعيشه مدينة الجديدة 2016 والمرشّح للتفاقم نحو الأسوأ واقتراب عيد الأضحى المبارك الذي من الطبيعي أن يفرز كميات كبيرة من الفضلات تبقى مطالب المواطنين قائمة في تحرّك السلطات الإقليمية و المحلية و المجلس البلدي/القروي الذين يبدو في ظل هذا الواقع المتردي أنهم أثبتوا فشلهم بامتياز في تسيير شؤون المدينة على كل الواجهات ولم يفلحوا حتى في انتشال المدينة من مستنقع العفونة الذي غرقت فيه. وأمام هذا الوضع يرتسم السؤال التالي: هل هناك مخطط لتحويل دوفيل المغرب إلى قرية من قرى القرون الوسطى؟