إذا كان المغرب قد نجح خلال المرحلة الأولى في الحد من انتشار الفيروس، متجنبا بالحجر الصحي خسائر كبيرة في الإصابات وفقدان الأرواح، فإن المرحلة الثانية من تخفيف الحجر الصحي تقتضي الحذر مع الوضع. ذلك أنه بالرغم من الإجراءات المعلن عنها فهذا لا يعني الخلاص مع الوباء. فالخطر لا زال قائما بغض النظر عن رفع الحكومة للحجر الصحي، حيث يتوجب الأمر أخذ المزيد من الاحتياطات اللازمة لتجنب عدوى كورونا كوفيد-19. لكننا عاينا بمدينة الجديدة خلال هذه الأيام الأخيرة حركة غير عادية بشوارع وأزقة الأحياء السكنية، إذ يكفي المرء القيام بجولة سريعة مثلا –سواء نهارا أو ليلا -ببوشريط و سيدي الضاوي و القلعة و درب بن ادريس و لفقيه بلهيبة و مولاي أحمد الطاهري و درب البركاوي المحادي لشارع الزرقطوني و الصوميك…، ليصعق بمشهد مرعب. فالجديدة تعرف تساهل ملحوظ علي مستوى تنفيد قرار الحجر الصحي والمسؤولية مشتركة.
لقد استغربنا من خروج الكثير من الأشخاص إلى الشارع بدون ارتداء الكمامة، وهو الاستهتار الذي يجب أن يتم التعاطي معه بحزم.و استغربنا من عدم احترام بعض سائقي النقل العمومي ( طاكسيات و حافلات النقل الحضري) للتوجيهات اللازمة و بعدم ارتداء الكمامة.
و لكن أصابنا الذهول لمّا عاينا مشهدا شابه فوضى تشكل خطرا على صحة المواطنين في زمن كورونا، إذ تجمع عدد كبير من الأشخاص بدون تطبيق الإجراءات الاحترازية الخاصة بتقليل الزحام منعا لانتشار العدوى، ليقف هؤلاء في صفوف متلاصقة، أمام ٳدارة عمومية مهمة بشارع محمد السادس، دون أي وسائل حماية.
أما داخل القيساريات، فقد بدت الأجواء مثل الأيام العادية. هنا تحلق عشرات الأشخاص حول صندوق يضمّ ملابس معروضة بثمن منخفض، ملاصقين لبعضهم البعض. وفي باقي الأجنحة لا يوجد أي التزام بنصيحة ضرورة الالتزام باحترام مسافة الأمان و لا بضرورة ارتداء الكمامة.
أما بسوقي علال القاسمي و لالة زهرة، فٳن احترام تدابير الوقاية، وفي مقدمتها ترك مسافة الأمان بين شخص وآخر، فلا أحد تقريبا يلتزم بها، إذ يتجمع الناس حول عربات الفواكه التي يصرخ أصحابها مهللين بالأسعار المنخفضة، من أجل جلب الزبائن، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء وضع الكمامات على أفواههم.
و ما يزيد الوضع غرابة هو أن العديد من الشباب والنساء والرجال ينتشرون في الأحياء الشعبية ليلا و ٳلى وقت متأخر جدا في شكل تجمعات وكأنه لا وجود لجائحة تهدد البلاد. كما أن بعض أصحاب المحلات التجارية تبقى مفتوحة بطريقة حسي مسي ليبيعوا بضاعتهم حتى في وقت متأخر من الليل.
هذه الخطوة غير المفهومة من بعض المواطنين تؤكّد أن هناك غيابا للوعي و استهتارا في التعامل مع هذا الفيروس الفتّاك الذي ضرب معظم دول العالم.
وفي الوقت الذي كان فيه عدد من رجال السلطة و الأمن يقومون بجولات يومية بالليل والنهار من أجل فرض احترام الطوارئ الصحية، وإلزام المواطنين باتباع التعليمات والتدابير الاحترازية، بدت هذه المظاهر تغيب شيئا فشيئا في مناطق عدة، خصوصا بالمقاطعات المعروفة بالأحياء الشعبية.
إن هذا الوضع يكشف أن بعض المواطنين غير مكترثين بحالة الطوارئ الصحية ولا بالتعليمات الصادرة عن السلطات الحكومية، الأمر الذي يلزم تحركا من لدن السلطات المحلية لإعادة الوضع إلى ما كان عليه في بداية الحجر.
وعلى السلطات الٳقليمية توجيه تعليماتها إلى مختلف العناصر التابعة لها بضرورة الصرامة في تطبيق قانون الطوارئ الصحية، والعودة إلى تكثيف دوريات المراقبة نهارا وليلا