وتقع مقابر سيدي بوافي و سيدي ٲحمد النخل و البلاطو في وسط المدينة تقريبا وقد امتلأت عن آخرها بالموتى، لكن الملاحظ لمن يزور هذه المقبرة مستوى الإهمال الذي طال هذه المقابر على مستوى الصيانة والنظافة من طرف الجهات المسؤولة،حيث يلاحظ نمو كثيف لشتى الأعشاب النباتية، مما أصبحت معه حالة هذه المقابر يُرثى لها إلى جانب انعدام الممرات بين القبور.
و في مقبرة البلاطو، وقفنا على بصمات بقايا ليلة ماجنة، قنينات البيرة المكسرة وعلبها القصديرية الملفوفة في وعاء بلاستيكي تندلق بسخاء هنا و هناك، تكشف بالملموس أن الفقر لا يشكل عائقا يطال هذه السلعة الرائجة، كما يثبت أن الهزيع الأخير من ليلة البارحة لم يكن هادئا أو مسالما.و هذا الأمر إهانة كبيرة للموتى الذين تم دفنهم بهذه المقبرة ذاتها، مما يطرح مجموعة من الأسئلة المُحرقة للقلب منها: لماذا هذه المقابر مُهملة من طرف المسؤولين المحليين؟وأين حُـرمة الموتى والمقابر؟هل سمعتم يوما بتنظيم وقفة احتجاجية ضد تردي مقابر الجديدة؟ هل السلطات تقوم بعملها اتجاه هذه المقابر؟
مقابرنا في الجديدة تختلف عن المقابر، ووضع موتانا مخجل جدا، وهم محاطون من كل جانب بالأزبال والقاذورات وقناني الخمر الفارغة وحتى العجلات. قبور تنبش، شواهد تحطم و انتهاك صارخ لحرمة موتى المسلمين.
يحدث هذا عندنا في مدينتنا التي تنتمي للأمة الإسلامية. أما بأوربا،فالمقابر جميلة، نقية، مخضرة و منظمة، تترك عندك انطباع عميق و إعجاب كبير بسبب نظافتها و ترتيبها و كمية الورود الموجودة فيها. ولكننا كلما كثرت زياراتنا لها زاد عندنا الاشمئزاز عند رؤية المقابر بالجديدة. فعندما يدخل الزائر هذه المقابر المسيحية يحس بالهدوء قد عم كل أرجاء المكان، بما في ذلك نفسه، بل ومن حيث لا يدري يشرع في المقارنة، وطرح أسئلته المعتادة من أجل فهم دوافع الاهتمام المبالغ فيه من طرف المسيحيين بمقابرهم ، بينما تعم مقابر المسلمين الفوضى بكل أشكالها.فلماذا لا نكرم موتانا بالشكل الذي يليق بهم ووفق ما تحتمه ثقافتنا الحضارية وتراثنا الإسلامي؟ لماذا نجد قبور مقابرنا منبوشة ومطموسة، رثة تغمرها الأزبال و القاذورات، وأبوابها مفتوحة لكل أشكال الشعوذة والدجل ووجهة مفضلة للقمامات الصلبة والسائلة، للكلاب والسكارى والشمكارة من كل الأعمار؟ أسئلة متعددة تصب جميعها في منحى ضرورة تكريم الموتى. فهل أنين الموتى سيسمعه رجالات السلطات الإقليمية والمحلية وذوي الضمائر الحية؟
إن الشريعة الإسلامية أوجبت احترام أجساد الموتى في قبورهم كما لو أنهم أحياء، حتى لو بقي منها عظم يراه البصر، وبناء على ذلك، لا يجوز الكشف عن المقبور ولا النظر إليه ولا المشي عليه ولا الجلوس فوقه، فبالأحرى التغوط فوقه أو التبول عليه أو رمي الأزبال فوقه أو إهمال مقبرته.