يثير انتباه كل مواطن بمدينة الجديدة الفوضى الكبيرة في تدبير النفايات الصلبة بشتى أشكالها. فبالقرب من الأسواق والساحات الرئيسية ركام النفايات يفوق حجمه حجم الحاويات المخصصة لهذا الغرض إن كانت فعلا موجودة.وبالإضافة إلى قلة عدد الحاويات، فتوقيت تفريغها غير ملائم وقليلا ما يتم تنظيف هذه الحاويات.

أما بالأحياء الشبه الراقية فهي عبارة عن إقامات حديثة العهد فنفايتها الصلبة لا تختلف كثيرا عن نفايات الأحياء الشعبية والبعض من هذه الأحياء يشوب عملية جمع نفايتها نوع من اللا تنظيم لا من حيث عدد الحاويات ولا من حيث عدم وجودها قطعا ولا من حيث ساعات مرور شاحنات جمع النفايات أو الاقتصار على تجميع النفايات داخل الأزقة بواسطة حاويات مجرورة من طرف العمال .

أما في باقي أحياء الجديدة وساحاتها وشوارعها فتدبير جمع الأزبال يعرف تخلف كبير يساهم في تلويث البيئة بشكل يطرح أسئلة عريضة هل نحن بالفعل لدينا تدبير مفوض يخصص له ميزانيات ضخمة من أجل النظافة؟ وما جنت الجديدة من هذا التدبير المفوض ما عدا البيانات و “المسكنات”؟ وما الفائدة من تكليف شركة بتدبير نفايات لم تستطع إلى حد الآن التغلب على هذه المعضلة في الوقت الذي لا يمكن لها التصرف بالمثل في أوروبا و لو في الحلم؟  فالوضع البيئي  بمدينة الجديدة يتفاقم ويزداد تدهورا بسبب الانتشار الواسع و الفضيع للأزبال والنفايات في جل المناطق والأحياء، حيث أن ظاهرة أكوام الازبال أصبحت منتشرة في كل أرجاء المدينة وأرصفتها، بل حتى بجانب المؤسسات الإدارية التي هي كذلك بدورها أصبحت تعاني من انتشار الأزبال بجانبها مهددة بذلك السلامة الصحية المواطنين.وفي ظل غياب حاويات للنفايات، يضطر المواطن إلى رمي الأزبال بطريقة عشوائية، مما جعل مدينة الجديدة 2017 تغرقُ في الأزبالِ إلى حين أن يأتي “غودو”،ناهيكم من الحياد السلبي للمسؤولين عن الشأن المحلي والإقليمي والجهوي.

لم يشفع الماضي المجيد لمدينة الجديدة و تاريخها العريق وموقعها المتميز من إيقاظ ضمائر أصحاب الشركة الجديدة و المجلس البلدي لإنقاذ مدينة الجديدة 2017 من مخالب ذيل ترتيب المدن المشلولة والعاجزة تقدما وتطورا في شتى المجالات، ليبتليها من جديد بفشل التسيير وفقدان حسن التدبير بوباء اللانظافة الذي ترجمته الحالة البائسة التي تعرفها جل شوارع وأحياء المدينة التي تحوّلت بقدرة قادر إلى مدينة تحتضن تلال النفايات والأوساخ التي طمست كل ما يرمز لعالم البيئة الطاهرة والنظيفة ، فالزائر لمدينة الجديدة يقوده بصره إلى الانتشار الواسع للقاذورات بمختلف موديلاتها . بقايا سلع التجار، نفايات منزلية ،حشائش وأعشاب شوكية و… و… . وما فوقها وتحتها أسراب من الحشرات الضارة والحيوانات السائبة وهي تشكر صبحة وعشية مسؤولي المدينة من سلطات و منتخبين وأصحاب الشركة الجديدة على حسن الصنيع أو الخدمة بعد أن جهّزوا ووفروا لها البيئة الملائمة للعيش ” السعيد ” بفعل ترك الأوساخ لمدة أطول دون إزالتها من جهة وفقدان الكثير من الأحياء ذات الكثافة السكانية الكبيرة لحاويات القمامة و استهتار الشركة المسؤولة بصحة المواطنين من جهة ثانية. الأمر الذي جعل من الروائح الكريهة تعطّر شوارع المدينة بفعل تخمّر النفايات.

والغريب في الأمر أن مثل هذه الأمكنة والشوارع والأحياء السوداء التي تكتنز جبال الأوساخ والقاذورات و المراحيض العشوائية تتبرك يوميا بمرور المسؤولين من سلطات إقليمية و محلية على مختلف مستوياتهم وحتى المنتخبين وأطر الشركة المفوض لها تدبير النفايات ، سواءا مترجلين أو على متن السيارات من دون أن تحرّك فيهم هكذا صور مقززة الشعور بالتقاعس ولو من باب التذكير أو النهي عن المنكر. ما يوحي بأن الجميع متواطئا والجريمة المرتكبة هي السكوت والتشبّع بثقافة ” تفوت راسي و تجي في من ابغات”.

وفي الوقت الذي كان لزاما على المجلس البلدي/القروي إيجاد حلول لهذه الكارثة البيئية، لوحظ واضحا بأن المنتخبين المسؤولين عن الشأن المحلي في سبات عميق، غائبون عن تداركِ الوضع، مما جعل من هذه المدينة عاصمة للأزبال بامتياز وحطمت الرقم القياسي لموسوعة كنيس للأرقام القياسية ،وذلك لعدم اتخاذهم لأي إجراء أو مبادرة اتجاه الشركة الجديدة لرفع المعاناة التي تعيشها الساكنة في صمت من جراء هذه الكارثة البيئية التي أصبحت تدق ناقوس الخطر ،بحيث أن الوضع أصبح ينذر باحتمال وقوع كارثة بيئية يمكن أن تنعكس سلبا على صحة الساكنة.

وبالرغم من تحميل السلطات و المنتخبين مسؤولية الحفاظ على النظافة والبيئة والصحة العامة وتوفير بيئة جاذبة للسكان والسياح، إلا أن شركة التدبير المفوض لها نظافة المدينة تصر على تلويث وتشويه هذه الأهداف وزيادة نسبة سخط المواطنين عن أدائها وخدماتها، من خلال تقصيرها في القيام بواجبها.

هذه الشركة لا تقوم بواجبها مبررة ذلك بعدم توصلها بآلياتها و شاحناتها و أجهزتها و”سيدننا قدر”و كأنها فاعلة خير و حسب، بل الأنكى من ذلك أن عملية شحن الأزبال والنفايات تسير بوتيرة بطيئة جدا و لا تقوم الشركة حتى بغسل و تعقيم تلك الحاويات المتلاشية أصلا.. مع العلم بأن هذه الشركة المفوض لها مسؤولية تدبير قطاع النظافة لو فعلت نفس الشيء في أوروبا “لطوفوها تطواف تطواف”، وهذا ما يسمى “الكيل بمكيالين”.

ولا بد في هذا السياق تحميل المسؤولية أيضا للمواطنين نتيجة عدم التزام جلهم بمواقيت رمي نفاياتهم وكذا الرمي العشوائي ، ينضاف إليهم الهيئات والجمعيات المنخرطة في هذا المجال والتي وجب على مسؤوليها التحلي بالسلوكيات الحضرية والمدنية في طريقة تعاملهم مع تنقية الأجواء، لأن النواح على ما تمنحه الدولة من ” بقشيش ” تقابله كما يقال ” حنة اليد “، أي برنامج العمل الفعلي وليس الوهمي المدوّن في التقارير ، وأمام هذا الوضع الذي تعيشه مدينة الجديدة 2017 والمرشّح للتفاقم نحو الأسوأ، تبقى مطالب المواطنين قائمة في تحرّك السلطات الإقليمية و المحلية و المجلس البلدي/القروي الذين يبدو في ظل هذا الواقع المتردي أنهم أثبتوا فشلهم بامتياز في تسيير شؤون المدينة على كل الواجهات ولم يفلحوا حتى في انتشال المدينة من مستنقع العفونة الذي غرقت فيه. وأمام هذا الوضع يرتسم السؤال التالي: هل هناك مخطط لتحويل دوفيل المغرب إلى قرية من قرى القرون الوسطى.