من ينتشل مدينة الجديدة من مستنقع العفونة الذي غرقت فيه

كتابة: الحاج عبد المجيد نجدي و المصطفى لخيار

بشرى لساكنة مدينه الجديدة تزفها السلطات الإقليمية والمحلية والمجلس البلدي/القروي.. فبفضل الجهود الجبارة للمسؤولين والمنتخبين⸲ وبكل امتياز وعن جدارة واستحقاق انتزعت مدينة الجديدة جائزة أقذر وأوسخ مدينة وطنيا وقاريا ودوليا. وقريبا سينظم هؤلاء المسؤولون والمنتخبون معرضا عالميا للنفايات ومهرجانا دوليا للحشرات تماشيا مع سياستهم الحكيمة.

كفى من الوهم ولنعد إلى الحقيقة المرة. فمدينة الجديدة تستغيث

لم يشفع الماضي المجيد لمدينة الجديدة و تاريخها العريق وموقعها المتميز من إيقاظ ضمائر السلطات الإقليمية و المحلية و المجلس البلدي لإنقاذ مدينة الجديدة 2024 من مخالب ذيل ترتيب المدن المشلولة والعاجزة تقدما وتطورا في شتى المجالات، ليبتليها من جديد بفشل التسيير وفقدان حسن التدبير بوباء اللانظافة الذي ترجمته الحالة البائسة التي تعرفها جل شوارع وأحياء المدينة التي تحوّلت بقدرة قادر إلى مدينة تحتضن تلال النفايات والأوساخ التي طمست كل ما يرمز لعالم البيئة الطاهرة والنظيفة ، فالزائر لمدينة الجديدة يقوده بصره إلى الانتشار الواسع للقاذورات بمختلف موديلاتها . بقايا سلع التجار، نفايات منزلية، حشائش وأعشاب شوكية و… و… . وما فوقها وتحتها أسراب من الحشرات الضارة والحيوانات السائبة وهي تشكر صبحة وعشية مسؤولي المدينة من سلطات ومنتخبين على حسن الصنيع أو الخدمة بعد أن جهّزوا ووفّروا لها البيئة الملائمة للعيش «السعيد» بفعل ترك الأوساخ لمدة أطول دون إزالتها من جهة وفقدان الكثير من الأحياء ذات الكثافة السكانية الكبيرة لحاويات القمامة واستهتار الشركة المسؤولة بصحة المواطنين من جهة ثانية. الأمر الذي جعل من الروائح الكريهة تعطّر شوارع المدينة بفعل تخمّر النفايات.

ويا ليت اقتصر الأمر على الأحياء والشوارع الثانوية فقط، بل تعدّاه ليشمل تلك الأحياء المكناة راقية والإدارات. وما زاد في تعفين الوضع وسوداوية صورته غياب المراحيض العمومية التي ساهم افتقارها بالمدينة في انتشار ثقافة التبول في العراء. ولا نذيع سرا إذا ما قلنا ان عاصمة الإقليم ومرآته أصبحت لها زوايا وأركان في الهواء الطلق مشهود لها بقضاء الحاجة في مناظر عادة ما تمزق معها غطاء الحياء. والغريب في الأمر أن مثل هذه الأمكنة والشوارع والأحياء السوداء التي تكتنز جبال الأوساخ والقاذورات والمراحيض العشوائية تتبرك يوميا بمرور المسؤولين من سلطات إقليمية ومحلية على مختلف مستوياتهم، سواءا مترجلين أو على متن السيارات من دون أن تحرّك فيهم هكذا صور مقززة الشعور بالتقاعس ولو من باب التذكير أو النهي عن المنكر. ما يوحي بأن الجميع متواطئا والجريمة المرتكبة هي السكوت والتشبّع بثقافة «تفوت راسي وتجي في من ابغات».

وفي الوقت الذي كان لزاما على السلطات الإقليمية و المحلية والمجلس البلدي/القروي إيجاد حلول لهذه الكارثة البيئية، لوحظ واضحا بأن المنتخبين و المسؤولين عن الشأن المحلي في سبات عميق، غائبون عن تداركِ الوضع، مما جعل من هذه المدينة عاصمة للأزبال بامتياز وحطمت الرقم القياسي لموسوعة كنيس للأرقام القياسية ،وذلك لعدم اتخاذهم لأي إجراء أو مبادرة لرفع المعاناة التي تعيشها الساكنة في صمت من جراء هذه الكارثة البيئية التي أصبحت تدق ناقوس الخطر ،بحيث أن الوضع أصبح ينذر باحتمال وقوع كارثة بيئية يمكن أن تنعكس سلبا على صحة الساكنة.

وبالرغم من تحميل السلطات والمنتخبين مسؤولية الحفاظ على النظافة والبيئة والصحة العامة وتوفير بيئة جاذبة للسكان والسياح، إلا أن شركة التدبير المفوض لها نظافة المدينة تختبئ خلف حجة امتلاء مطرح النفايات وتصر على تلويث وتشويه هذه الأهداف وزيادة نسبة سخط المواطنين عن أدائها وخدماتها، من خلال تقصيرها في القيام بواجبها.

وهذه الشركة -التي أنعم عليها رئيس المجلس البلدي/القروي بالتمديد-لا تقوم بواجبها مبررة ذلك في غالب الأحيان بعدم توصلها بمستحقاتها من البلدية و كأنها فاعلة خير و حسب، بل الأنكى من ذلك أن عملية شحن الأزبال والنفايات تسير بوتيرة بطيئة جدا و لا تقوم الشركة حتى بغسل و تعقيم تلك الحاويات المتلاشية أصلا.. مع العلم بأنه مرت سنين على تحمل هذه الشركة مسؤولية تدبير قطاع النظافة، وهي مهام تتقاضى عنها أموالا طائلة من ميزانية الجماعة المحلية، لكن دون أن يرقى عملها لطموح السكان وبالتالي إقناعهم بقيمتها المضافة في المجال.

ولا بد في هذا السياق تحميل المسؤولية الكاملة للسلطات الإقليمية والمحلية والمجلس البلدي/القروي الذين يبدو في ظل هذا الواقع المتردي أنهم أثبتوا فشلهم بامتياز في تسيير شؤون المدينة على كل الواجهات ولم يفلحوا حتى في انتشال المدينة من مستنقع العفونة الذي غرقت فيه. وأمام هذا الوضع يرتسم السؤال التالي: هل هناك مخطط لتحويل دوڤيل المغرب إلى قرية من قرى القرون الوسطى؟