طازوطة هي تلك البنايات الأسطوانية الشكل التي ينفرد بها إقليم الجديدة وحده بالمغرب٬ والتي توجد لحد الان بأولاد بوعزيز و أولاد سالم و أولاد حمدان و الشعيبات. هياكلها تقوم على حجارة مصفوفة بدقة وعناية متناهيتين. و قد نجد بعض جدرانها مغلفة من الداخل بالطين المخلوط بالتبن والقصب.وقد كانت بنايات “طازوطا” أو “طازوطة” منتشرة بشكل كبير في دكالة العميقة ذات الطبيعة الحجرية، وبمرور الأيام زحف البناء الإسمنتي فتراجعت إلى أن كادت تختفي وتندثر.
كلمة (طازوطة) تعني بالأمازيغية (إناء الحريرة) أو الإناء الدائري الشكل، وهو المعنى الذي يفسر على الأرجح كون هذا البناء ترجع جذوره إلى أيام الفينيقيين و الرومان، وهو مصمم على شكل دائري وهرمي من الأحجار فقط دون إضافة أي مادة من مواد البناء.
و المرجح هو ان هذه البناية تنحدر من دول البحر الابيض المتوسط كجنوب ايطاليا، البرتغال، اليونان٬ … وحسب البعض٬ فمادامت دكالة كانت مستعمرة من طرف البرتغال٬ فهناك من يقول بٲن البرتغاليين هم من أدخلوا هذا النمط السكني. وهناك من يؤكد بأنه من الراجح ان يكون الفينيقيون هم من أدخلوا هذا النوع من البناء إلى دكالة. والغريب أن البعض يدعي أن المستعمرين الفرنسيين هم من أدخلوا هذا النمط من البناء إلى دكالة. هؤلاء يحاولون جاهدين إيهام الناس على أن المعمرين الفرنسيين هم من علموا أهل دكالة بناء طازوطة وتناسوا أن طازوطة اسم أمازيغي يرجع إلى العهد الذي كانت فيه دكالة منطقة أمازيغية بامتياز. كما أنهم تناسوا أن السي الحسين-أمهر امعلم في بناء طازوطة والذي توفي في بداية التسعينات عن عمر يناهز 95 سنة- كان دائما يصرح بأنه ورث الحرفة عن أبيه والذي بدوره تعلمها عن والده. وعلى العموم ٬ فطازوطة في شكلها الهندسي تشبه الى حد ما الأهرامات المصرية.
إن “طازوطة” هي بناية أسطوانية الشكل، تستعمل للسكن او لتخزين الحبوب او كملاجئ للماشية، تقوم هياكلها على حجارة مصفوفة بدقة وبعناية متناهيتين، جدرانها مغلفة من الداخل بالطين المخلوط بالتبن والقصب.
“طازوطة” لها باب ضيق صغير الحجم يسمح بدخول شخص واحد فقط، ولها فوهة واحدة بالأعلى تسمح بتجديد الهواء، طاقتها الاستيعابية يمكن أن تصل ما بين 05 إلى 10 أفراد في ظروف عادية جدا، نوع الحجر والطريقة التي تبنى بها يمكنانها من التكيف مع تقلبات المناخ، فهي باردة خلال فصل الصيف ودافئة خلال فصل الشتاء، ويلجأ إليها الانسان الدكالي من أجل قضاء القيلولة او التجمع العائلي أو قصد المبيت ليلاّ، كما تتوفر الطازوطة على درج يستغل للصعود الى سطح البناية من أجل صيانة البناية من آثر التساقطات المطرية، أو من أجل تيبيس الحبوب او بعض الفواكه.
يتراوح عرض حائط “طازوطة” بين متر إلى مترين ونصف، ووزن البناء بها قد يصل من 90 طن إلى 300 طن، قد يطول بناؤها لمدة سنة أو أقل بقليل، فطريقة بناءها جد معقدة، حيث يتم وضع حجرة طولا، مثلا ستة وحدات وأخرى فوقها ليصبح طول الحجرتين 8/6 أو 4/3، ينتقل مركز القوى إلى 4/6، ولكي لا تتهاوى الحجرة الفوقية يجب تثقيلها بحجرة ثالثة، بمعنى أن البناء يتقدم بثلث الصف الأخير، وهوما يفسر بطء البناء وثقله، فهو بناء “قائم الذات” ليس له عماد ولا أوتاد، سره الثقل والتوازن بين الاحجار.ومعلوم أن شكل طازوطة الهندسي حين يتداعى بناؤها، فإن انهيار أحجارها يأتي بالتساقط خارجها دون أن تسقط ولو حجرة واحدة بداخل البناء.
أما اليوم فإن بنايات طازوطة تعاني الإهمال وانهيار أحجارها وتآكل أ جزائها،مما ينذر بانهيارها كليا، مع العلم أن صيانتها قد لا تكلف شيئا، و كنا قد أشعرنا مرارا بالحالة التي هي عليها بنايات طازوطة٬ وأنها آيلة للانهيار في أية لحظة بسبب انهيار بعض من أحجارها في جل أجزائها وسرقتها٬ ولم نلق أذانا صاغية.