النبي صلىّ الله عليه وسلم -نسبه ومولده ونشأته

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم ,

ولد محمد بمكة في شعب بني هاشم (بطن من بطون قريش) يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، ويوافق ذلك اثنين وعشرين من شهر أبريل سنة 571 م.

أبوه عبد الله بن عبد المطلب كان أحسن أبناء أبيه وأعفهم وأقربهم إليه ، وهو الذبيح، الذي فداه أبوه بمئة من الإبل في الواقعة المعروفة بحكاية النذر والأبناء العشرة ، واختار له أبوه عبد المطلب آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وتعد يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا وموضعا، فكان أبوها سيد بني زهرة نسبا وشرفا ، فزوجها له وهو في الخامسة والعشرين من عمره ثم أرسله في تجارة بعد أن بنى بها في مكة بقليل، غير أنه مرض بالمدينة وتوفي، قيل قبل ولادة النبي (وهو المشهور عند المؤرخين) أو بعد ذلك بقليل ، والثابت أن آمنة ولدت محمدا في غياب عبد الله، فأرسلت إلى عبد المطلب تبشره بحفيده ففرح به فرحا شديدا، وجاء مستبشرا ودخل به الكعبة شاكرا الله، واختار له اسم محمد ولم تكن العرب تسمي به آن ذاك، وختنه يوم سابعه كما كانت عادة العرب.

احتفال المغاربة بالمولد النبوي الشريف بين اليوم والأمس

لقد امتازت بعض البلدان الإسلامية ومنها المغرب باهتمامها البالغ والكبير بهذه المناسبة الشريفة، فيتم الإعداد لها بوقت مسبق من تحضير الحلوى وتزيين الجوامع والشوارع والدور، وتهتم بإقامة المحافل الشعرية المفعمة بالمدائح النبوية ومحافل تلاوة القرآن الكريم وتكرار الصلاة على النبي وعلى آله.

وتكون العيدية في عيد مولد النبي الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وسلم هي الإنفاق على العيال وتفريق الحلوى بين المتعايدين والقيام بالتزاور للمشاركة في أفراح هذا اليوم وتبادل السرور والبهجة.

ففي خضم كل سنة هجرية جديدة، تُطل على المسلمين مناسبة عزيزة وذكرى غالية محملة بالنفحات الدينية العطرة والنسمات الروحية الزكية. ذكرى تدعو كلَّ ذي قلب سليم إلى التأمل العميق في سيرة رجل أُميٍّ بدأ حياته راعيا للغنم وأنهاها قائدا للبشرية. رجلٌ فقد حنان والديه صغيرا فكسب حب المسلمين كبيراً، رجل ازدراه الكفار والمشركون ولاقى منهم أذى كثيراً، فنصره الله عليهم وأرسله رحمة للناس وسراجا منيراً. يتعلق الأمر برسول رب العالمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد الخلق أجمعين، محمد صلى الله عليه وسلم.

لا حرج في الفرح والاحتفال بذكرى مولد النبي الأعظم

يستند المغرب للاحتفال بذكرى المولد النبوي على أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال الصحابة. فمن القرآن الكريم يستدل بقوله تعالى في سورة يونس: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}. وبما أن النبي رحمة للعالمين، فلا حرج في الفرح والاحتفال به وبذكرى مولده. ومن السنة النبوية يستدل بما ورد عن النبي صلى الله عليه أنه سئل مرة عن سبب صيامه يوم الاثنين فقال: لأني فيه ولدت. فإذا كان النبي نفسه يحتفل بيوم مولده بالصيام، فما المانع من احتفال المسلمين به؟

وقد ذهب العديد من أهل العلم المُعاصرين إلى جواز الاحتفال بالمولد النبويّ. فالشيخ يوسف القرضاويّ رحمه الله بيّن جواز الاحتفال بالمولد النبويّ من خلال تسليط الضوء على سيرة سيّد الخَلق محمّدٍ -صلّى الله عليه وسلّم، والوقوف على أهمّ الأحداث الإسلاميّة في حياته عليه الصلاة والسلام، مثل: غزوة بدرٍ، وأحدٍ، والهجرة النبويّة، والإسراء والمعراج، وميلاده عليه الصلاة والسلام، لا سيّما أنّ تذكير الناس بنِعَم الله تعالى أمرٌ محمودٌ، وقد أمر الله تعالى به، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ). إلّا أنّ فضيلة الشيخ أكّد على أنّ الاحتفال بالمولد النبويّ مُباحٌ ما لم يشتمل على المُنكرات، والمُخالفات الشرعيّة، كإقامة الاحتفال بالأولياء الصالحين، وغيرها من البِدَع.

كما أفتت دار الإفتاء المصرية بجواز الاحتفال، بل إنّ الاحتفال بالمولد النبويّ من أفضل الأعمال وأجلّ القُربات لديهم؛ لأنّه تعبيرٌ عن مَحبّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التي تُعَدّ أصلاً من أصول الإيمان، لِما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).، بالإضافة إلى أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد سَنَّ للأمّة الشُّكر على ميلاده الشريف؛ فقد كان يصوم يوم الاثنين لأنّه يومٌ وُلد فيه؛ لِما ورد عن أبي قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه أنّه قال أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ؟ قالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ)، ولا يصحّ القول بأنّ الاحتفال بالمولد النبويّ بِدعةٌ، لأنّ البِدَع ما خالفت القرآن الكريم، أو السنّة النبويّة، أو الإجماع.
ومن أبرز ما تتميز به المنطقة العربية خاصة بلاد الشام، ومصر، والمغرب العربي الاحتفالات الروحانية التي تقام على أراضيها، فهذه الاحتفالات استطاعت أن تتحول من احتفالات دينية إلى احتفالات تلم شمل الناس.

وإذا كانت تقاليد احتفال المغاربة بهذا المولد العظيم تختلف من مدينة لأخرى ومن هذه المنطقة لتلك، فإن القاسم المشترك في مظاهرها لديهم هو حرصهم على إيقاد الشموع والمشاعل وارتداء الملابس التقليدية الجديدة للتوجه إلى بيوت الله، وتبادل الزيارات، وإحياء ليلة الذكرى بما يليق بها من الخشوع والإجلال والتعظيم لصاحبها عليه أفضل الصلاة والسلام، ومرافقة الأطفال عبر الخروج للنزهة وشراء هدايا لهم لتربيتهم على التميز الروحاني لهذا اليوم السعيد، يوم مولد أشرف الخلق والرحمة المهداة إلى العالمين.

كما يكتسي الاحتفال بهذا العيد طابعا اجتماعيا خاصا، حيث تلتقي العائلات في أجواء من الألفة تؤثثها الثقافة المغربية بطقوس احتفالياتها وفنون طبخها، لما لذلك من دور في ترسيخ الروابط والأواصر والتمسك بالتقاليد المغربية الأصيلة والتشبث بالقيم ومنح القدوة للأجيال الناشئة.

ومن التقاليد والعادات المغربية التي ارتبطت بهذه المناسبة الدينية الجليلة أنه كان معروفا في مختلف الحواضر المغربية، أنه منذ أواخر شهر صفر وعند استهلال شهر ربيع الأول، يبدأ الناس في الاحتفال الذي كان يتجلى في مظاهر متعددة، مثل تنظيف البيوت وتبييض جدران المنازل وأبوابها (لَعواشَر). كما أنه ومنذ استهلال شهر ربيع الأول كذلك كان الطبالون والزمارون والغياطون يبدؤون في التجوال عبر الأزقة والدق على الأبواب إخباراً بهذا الشهر. وفي أوائل القرن الماضي ومع دخول ربيع الأول وفي أيام المولد كانت الطوائف “الصوفية” تتجول في الشوارع والأزقة تقيم مواسمها.

ومما كان شائعا أيضا في التقاليد المغربية، وما يزال قائما في بعض البيوت، هو أنه في يوم العيد يطبخ الناس “العصيدة” تيمنا بالطعام الذي ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم عند مولده، وكذلك أنواع الفطائر والحلويات وغيرها.

لقد كان لمثل هذه الاحتفالات في هذه المناطق وقع كبير على الناس، فالنور كان يشع من المدن الكبيرة احتفالاً بهذه المناسبة العطرة وبغيرها من المناسبات أيضاً، إذ إن الزينة كانت تملأ الشوارع، والحلويات تنتشر في الأسواق، وتكثر أعمال الخير في المدن، وتزداد أواصر المحبة والتواصل بين الناس، بالإضافة إلى شعور الأطفال ببهجة هذه الأيام، عدا عن التزاور بين الأقارب لتبادل التهاني بهذه المناسبة الجليلة. هذه العادات الأصيلة كانت جزءاً من تقاليد الناس وأعرافهم.

واليوم ومع التقدم الحاصل صار الناس يبتعدون شيئاً فشيئاً عن مثل هذه العادات الحميدة، ذلك أن هذه الاحتفالات اليوم ومع نمط الحياة الجديد أخذت بالتراجع شيئاً فشيئاً عما كانت عليه في الماضي، وفي الحقيقة أن هناك عدة عوامل ساهمت في اندثار هذه الروحانيات لا داعي لذكرها.

وحتى نعطي هذه الذكرى الغالية حقها، يجب في هذا اليوم أن يكثر الناس من التعرف وتناقل أخبار الرسول وفضائله وأخلاقه، فأخلاق الرسول هي من أهم الزوايا التي ميزته عن كل خلق الله، إلى درجة خلدها القرآن الكريم في قوله تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم)، كما أن التواصل والتراحم من أهم ما يجب أن يُعتنى به في هذا اليوم المبارك، ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كان يعظم بشكل كبير تعاضد المجتمع وكأنه جسد واحد، فهذا الأمر يجب أن يكون من أهم مميزات الأمة الإسلامية على الإطلاق.

ويأتي إحياء جلالة الملك محمد السادس لهذه الليلة المباركة اقتداء بسنة أجداده المنعمين الذين دأبوا على الاحتفاء بذكرى مولد جدهم المصطفى عليه الصلاة والسلام، والذي شكل ميلاده مولد أمة كانت وستظل خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، إنه الرسول الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين الذي أشرقت بمولده الدنيا وامتلأت نورا وهداية بفضل ما تضمنته الرسالة المحمدية من ترسيخ لقيم العدل والمساواة والاعتدال والدعوة إلى العمل الصالح والتسامح بين البشر والتعايش بين مختلف الأديان والثقافات حتى يعم الرخاء والسلم بين الناس أجمعين.

تهنئة بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف

بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، يتقدم كل أفراد طاقم الجريدة الإلكترونية ” الجديدة سات. أنفو” وأسرهم بأحر التهاني إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، داعين الله عز وجل أن تحل هذه المناسبة على جلالته بموفور الصحة والعافية والسعادة، وأن يبارك جهوده ليحقق للشعب المغربي كل ما يصبو إليه من تقدم وازدهار، وأن يقر عين جلالته بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير الجليل مولاي الحسن وصاحبة السمو الملكي الأميرة للالة خديجة، وأن يشد أزره بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة، كما يتوجهون بالتهنئة الخالصة إلى الشعب المغربي وإلى جميع المسلمين. في مشارق الأرض ومغاربها، متمنين أن ينعم الله عليهم بالخير واليمن والبركات، وبمزيد من التألق والتضامن.