هل الطبقیة ستلاحق الجديدیین إلى قبورھم
في المقبرة الجديدة المقبلة؟
بات الحصول على قبر في مدينة الجديدة أمرا ليس باليسير، حيث يتطلب اتصالات ومشقة وبحثا طويلا، وقد يكون الحل الأخير فتح قبر قديم لدفن ميت جديد، وهذا ما دفع السلطات إلى إيجاد حل لهذه المعضلة. وفي هذا الإطار٬ وتلبية للحاجة الملحة لإحداث مقبرة إسلامية بمدينة الجديدة و جماعة مولاي عبد الله٬ونظرا لكون المساحة المخصصة للمقبرة الحالية قد تم تحديدها، فقد بدٲت فعلا عملية الإشراف المباشر على التعجيل بإحداث مقبرة جديدة والتي أصبحت تشكل مطلبا أساسيا لساكنة الجديدة و جماعة مولاي عبد الله.
ولهذه الغاية٬ فقد تم خلال اجتماع عقد مؤخرا دراسة مشروع إحداث المقبرة الإسلامية “الريان”، خصص لتدارس الإجراءات العملية لإنجاز هذا المرفق على مساحة توجد بمنطقة قريبة من الجديدة وتابعة لجماعة مولاي عبد الله، علما أن المجلس القروي لجماعة مولاي عبد الله قد خصص لهذا المرفق عقارامساحته حوالي 32000 متر مربع.
وقد تم التٲكيد خلال هذا الاجتماع على ضرورة تسريع وتيرة إنجاز هذا المرفق الحيوي والأساسي استجابة لطلبات الساكنة وعلى اتخاذ كافة الترتيبات والقيام بالأشغال الضرورية لتصبح المقبرة الجديدة جاهزة في ٲقرب الآجال.
ومن بين الأهداف المسطرة لإحداث هذه المقبرة هو أن يتم وضع تصميم تنظيمي لعمليات الدفن بالمقبرة طبقا للمنهجية المتبعة بالمقبرة الإسلامية٬ بها مرافق إدارية ومسجد كبير ومنطقة مخصصة لقبور الٲطفال…
لكن الغريب هو ٲنه حسب تحرياتنا٬ هناك من يطمح إلى إحداث منطقة خاصة بالمقبرة للٲعيان و “علية القوم”(VIP) . وكلمة (VIP)– وهي مستقاة من اللغة الإنجليزية “Very Important Person”– تستخدم للدلالة على ٲشخاص مميزين ويعتبرون ٲكثر تقدير من الآخرين. سبحان الله !!!ما هذا المطمح الغريب؟
وإذا ما تمت الاستجابة لهذا المقترح الغريب٬ فإن حكاية إحداث منطقة خاصة بالمقبرة(VIP) فيها استكبارالٲغنياء و”علية القوم” على الفقراءحتى في الموت٬وفيها أيضا مخالفة للشرع.فكيف لنفس بشرية ٲن ترفض التواضع والإنكسار لله في اللحظات الاخيرة؟ وهذا ااقتراح فيه استكبار واستعلاء على الفقراء والموت.. والمقابر الخاصة مرفوضة رفضا باتا لأنها تجسد حالة من الاستعظام على الممات خصوصا وأن جميع البشر ذاهبون في نهاية المطاف إلى حفرة بسيطة! فذلك من غرائب الحیاة و مفارقاتھا أن یصنف الموتى حسب مستواھم الاجتماعي، و یصبح ھناك فارق طبقي بین قبر و آخر، منطقة بها قبور للنخبة یُدفن فیھا أبناء الطبقة الراقیة والبرجوازية و الٲعيان و “علية القوم”٬ ومنطقة للفقراء والمهمشين والٲشخاص المصنفين في الدرجة السفلى.
إن أمر إحداث منطقة خاصة بالمقبرة للٲعيان و”علية القوم” (VIP) فيه نوع من محاولة الاستعلاء على الغير، فأن يدفن الميت في مكان خاص، وإن كان داخل المقبرة، أمر لا يجوز، وما دام الخالق ساوى بين البشر في الموت٬ فلماذا هذا الميز في الدفن، لأن ذلك مجرد شكليات، أما المضمون فلا يمكن تغييره؟
ورغم ٲننا نظن ٲن لا ٲحد سينساق وراء هذا المطمح اللاإنساني٬ فإننا نهمس في ٲذن صاحب هذا المقترح لنقول له إن فكرة إحداث منطقة خاصة بالمقبرة الجديدة لما يسمى “الشخصيات”(VIP) مرفوض شرعا لما يترتب عليه من فكرة استعلاء الٲغنياء و”علية القوم” على الفقراء حتى في الموت.فھذا ما یكرس أكثر فكرة أن الطبقیة تجاوزت الأحیاء إلى الأموات.
إن جنس الإنسان مكرم عند الله بلا تفرقة بين مجموعة وأخرى، بل كل مجموعة ينظر إليها بمنظار واحد هو الإنسانية٬ فالإسلام لا يسمح بقيام نظام طبقي تسيطر فيه طبقة على أخرى، كما لا يسمح ٲن تدعي فئة لنفسها الاستعلاء على الفئات الأخرى بالمال أو الجاه، بل إنه ألغى كل سبب يدفع الإنسان إلى الاستعلاء على الغير٬ فقد قال تعالى ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء)) و قال صلى الله عليه وسلم: (الناس سواسية كأسنان المشط). فلماذا إذن محاولة تطبيق فكرة الطبقیة الاجتماعية (VIP) في المقبرة الجديدة المقبلة؟وما هو موقف الأئمة و المجلس العلمي من هذه الظاهرة الخطيرة والمحرمة شرعا والتي هي ظاهرة غربية لا علاقة لها قطعا بالإسلام والمسلمين…!؟