ظاهرة معاقرة قنينات الخمر والجعة ” البيرة ” تفاقمت ﺃكثر بمدينة الجديدة . كل الناس يستنكرون الطريقة التي توزع بها الخمور و “على عينيك ﺁبن عدي” على الحانات و محلات بيع الخمور. فقد عم الإدمان و التعاطي لشرب الخمرة و الجعة من طرف كل الفئات العمرية ﺇناثا و ذكورا. و أصبح أمرها عاديا لدى المسلمين في غياب النصارى و اليهود، الذين لا وجود لهم في ﺃوكار شرب الخمر كالفنادق المصنفة وغير المصنفة و الحانات و العلب الليلية التي نبتت كالفطر، مؤطرة بموارد بشرية على شكل عصابات تفتخر بالسوابق المسجلة بسجلاتها العدلية ، و تتبختر ببطونها المنتفخة ، وعضلاتها الغير عادية . هؤلاء البشر- الذين يطلق عليهم اسم ” الفيدورات ” – لهم حماتهم كلما خرقوا القانون ، و تسببوا في الاعتداء على الزبناء !!!
بضاعة الخمر يعيش من وراءها من يصنعونها و الذين يوزعونها و من يتربص بحامليها ، و كل الفاعلين لمحاربتها ( أمن ، قضاء، محامون ، موظفون ، حراس السجون ) لمصلحة أصحاب الرخص المستفيدين من تجارة الريع و الحرام ، ضدا على نصوص الشريعة الإسلامية و ضدا في الثقافة و التعليم و التكوين، ليبقى الشباب مخدرا و بعيدا عن العلم و الفكر، غارقا في الأمية و الجهل.
قد يكون بعض المستهلكين يهربون بعيدا عن أعين الناس ببحثهم عن أماكن بعيدة للسكر، إلا أن هناك فئة أخرى تقصد الأماكن غير المضاءة في الأحياء الشعبية لتناول الخمور ليلا، وتتخلص من القنينات الفارغة في المكان نفسه، دون أي احترام لنظافة الأزقة ولا سلامة المارة من الزجاج المنكسر.
وغالبا ما نجد في الاحياء الشعبية بقايا الأطعمة وأعقاب السجائر وقناني الخمر أمام باب منزل ما في الصباح الباكر.. فالمدمنون يبحثون دائما عن الأماكن المظلمة. و هناك ﺃيضا من يعاقر قنينات الخمر و الجعة بالأماكن العمومية دون حسيب ﺃو رقيب. و غالبا ما يعربدون و يسبون المارة ﺃو يعترضون سبيلهم طلبا لبعض الدريهمات بالقوة. و الغريب هو ﺃن بعض بائعي الخمور و بعض ﺃصحاب الحانات، كلما حل شهر رمضان الأبرك، يسافرون ﺇلى الديار السعودية مدعين ﺃنهم يؤدون مناسك عمرة رمضان “لغسل العظيمات” حسب تعبيرهم. قمة الاستهتار و الانحطاط.
مشاهد مقززة على بعد ﺃيام قليلة من شهر رمضان، و لا يسع كل من يمر بالشارع ﺇلا ﺃن يردد في قرارة نفسه : “حسبنا الله و نعم الوكيل” .. .و يشك أنه في بلد مسلم ، عندما يلاحظ و يعاين الشاحنات و العربات توزع الخمور في واضحة النهار، و تبعثر الصناديق في الشوارع كأنها توزع الحليب ﺃو الخضر …كيف ﺇذن لهذا الشعب أن يتعلم و يتخلق و يتشبت بدينه ؟؟؟ !!!
فالدولة لا تتعامل مع الخمور من منطلق ديني، وإنما من منظور اقتصادي. و ذلك من منطلق ﺃنها في حاجة لمداخيل الخمور من خلال الضرائب المفروضة على المتاجرين فيها أو على عارضيها بالفنادق والحانات والملاهي. و هذا دون الالتفات للوجه الأسود والباهت المتمثل في مخاطر استهلاك وتجارة المشروبات الكحولية على المجتمع المغربي وخصوصا الطبقة الشعبية.
وحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول استهلاك المشروبات الكحولية، فإن معدل ما يستهلكه كل مغربي من المتعاطين للمشروبات الكحولية، يقدر ب 17.10 لترا من الكحول الخالص في السنة للشخص الواحد. وبخصوص الأنواع المفضلة لدى المستهلك المغربي تأتي الجعة أي البيرة على رأس المشروبات الكحولية المفضلة بنسبة 43.5 في المائة، في ما يأتي النبيذ في المرتبة الثانية من حيث الأفضلية في الاستهلاك بنسبة تقارب 38.3 في المائة، بينما تأتي المشروبات الكحولية القوية في الرتبة الثالثة ب 19.2 في المائة.
هذا، مع العلم ﺃن القانون المغربي يمنع بيع الخمر للمسلمين، حيث جاء في الفصل 28 من الظهير الملكي الصادر في يوليوز 1967 : “يمنع على مستغل كل مؤسسة تتوقف على رخصة أن يبيع أو يقدم مجانا مشروبات كحولية أو ممزوجة بالكحول إلى المغاربة المسلمين”، و”يعاقب عن المخالفات للمقتضيات السابقة بالحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد و 6 أشهر وبغرامة تتراوح بين 300 و1500 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط”. كما يعاقب القانون ذاته ، في حالة العود إلى المخالفة بمضاعفة عقوبة الحبس والغرامة المنصوص عليهما سابقا. فلمن تباع ﺃطنان قنينات الخمور و الجعة و الماحية التي توزع طيلة الأسبوع بمدينة الجديدة؟