امتلأت في يوم جمعة 22 جمادى الثانية 1445 الموافق ل 5 يناير 2024 بعد صلاة العصر بنفحة ربانية جنبات فضاء المقاومة بالجديدة، دائرة الجديدة سابقا، بجمع غفير من الناس من الجديدين وغيرهم لتأبين هذا الرجل الجديدي والدكالي، الذي خدم مدينته ومنطقته وبلده، بوفاء وإخلاص، حتى ترك اثرا في نفوس الناس قل نظيره. هذا الاثر الذي عبر عنه كل الحضور، سواء المتدخلين بكلمات جد مؤثرة من جميع اطياف المجتمع من الجديدة و خارجها، من حزبيين إلى مثقفين مرورا بعلماء، على رأسهم السيد المندوب السامي للمقاومة الدكتور المصطفى لكثيري و السيد رئيس المجلس العلمي الدكتور عبد المجيد محب، و الاستاذ عبدالله هيتوت عن الرابطة المحمدية لعلماء المغرب، و كذا الشريف الدكتور سيدي حمزة الكتاني من الرباط،  و الدكتور عدنان الزهار⸲ و الاستاذ احمد متفكر من مراكش، و الاستاذ عبد العزيز ايت بنًصالح من مراكش، و شخصيات اخرى ،  التي ختمت بكلمة نجله الاستاذ مولاي احمد الصديقي المؤثرة، و كذا الحضور من الاقارب و الاصدقاء و المواطنين الذين أرادو ان يعبروا عن وفائهم و حبهم للفقيد، فكل الا و لديه قصة يحكيها عن خير اسداه له، عن شهامته و شجاعته و اخلاقه العالية، عن لطفه، عن اناقته و كذا ابتسامته،  و خصوصا خدمته للمنطقة، سواء من مركزه كمسؤول، او كمثقف سعى طوال حياته للحفاظ عن هويه و ذاكرة دكالة.

وانطلاقا من المبدأ الذي يقول “من لا يشكر الناس لا يشكر الله “⸲ كانت كل الكلمات ليست مدحا أو تزلفا أو محاباة لشخص خدوم وكريم ومحبوب لدى ساكنة المناطق التي عمل بها، عند الصغير قبل الكبير، والرفيع قبل الوضيع، لا لشيء سوى لنبله وأخلاقه، واستقامته وشهامة رجولته⸲ وصفاء خدمته وصدق نيته، وثباته على مبدإ الإيثار وتقديم المساعدة التي جعلته لا يزغ عن سكة خدمة الناس وقضاء حاجيتهم ،وإصراره الشديد على رسم النهج الإنساني السليم من خلال مجهودات جبارة يقوم بها للرفع من قيمة الخدمات النفعية التي تعود بالخير والبركة على ساكنة المناطق التي عمل بها أو بدكالة و خصوصا مدينة الجديدة.
كان الشريف الحاج سيدي محمد الصديقي رجلا وقورا، شهما، متواضعا متخلقا وصادقا، إنسانا صارما وفذا، لأنه كان من أولئك الأشخاص الذين يفرضون عليك احترامهم فلا تجد حرجاً في أن تقول فيهم كلمة حق.. ووقفة إنصاف يستحقونها. كان حنوناً جدا ورحيم القلب على الفقراء والمساكين وعطوفاً يسعى في خدمة الأرامل والأيتام ويرعى شؤونهم الخاصة رغم انشغاله رحمه الله. كان يعول عددًا من الأسر من الأيتام والأرامل ويحرص على أحوال وأخبار العائلات الجديدية المعوزة وكان يساهم في تقديم يد العون لمن يحتاج رغم انشغاله كرجل سلطة لأنه كان يحب الخير ويحب مساعدة الآخرين.

كان الشريف الحاج سيدي محمد الصديقي رجلا يعمل في الصمت ويخلق التوازن بين رجالات السلطة الذي تلمس فيه السلطة التي يريد صاحب الجلالة المقربة من انشغالات المواطنين ومشاكلهم.

وبالإضافة إلى ما عرف عن الشريف الحاج سيدي محمد الصديقي كرجل سلطة⸲ فقد كان قبل ذلك⸲ وفي بداية سنة 1963⸲ مولعا بالمسرح الشعبي. وقد رسم ما بين 1963 و1973 البسمة على وجوه كثيرة، فهو الذي في تلك الفترة نشر الطرافة والسخرية منتقداً أخطاء ترتكب بحق الوطن برسائل مباشرة ومبطنة⸲ واضعاً أصبعه على جرح ينزف. هو المثقف الذي لم يدرس المسرح، لم يستخف يوماً بذوق جمهوره العام، فتمسك بتقديم الاعمال الساخرة الرصينة البعيدة عن العبارات النابية او المعاني المسيئة، مقدماً أكثر من 15 مسرحية.

رزق الله عز وجل الفقيد الثبات على المبادئ والاخلاق، فكان مثالا لرجل الدولة والثقافة، فكان تأبينه مناسبة مميزة قل نظيرها للقاء الجديديين القدامى، وكانوا في اشد الحاجة لذلك، في هذا المقر، الذي كان طوال الثمانينات من القرن الماضي وبداية التسعينات، تحت رئاسة الفقيد، مجالا لخدمة الناس وتيسير امورهم، تمارس فيه اختصاصات الدولة وهيبتها في ابها تجلياتها. وبعد وصلة من الامداح النبوية التي كانت لها عند الفقيد مكانة خاصة، ثم الانتقال الى دار العجزة المجاورة لبيت والده رحمة الله عليهم جميعا لعشاء صدقة.

لقد كان الفقيد الحاج محمد بن أحمد الصديقي رحمه الله، يتسم بالأخلاق الفاضلة، والطيبة والعفوية، التي كان عليها سادة المجتمع في زمانه، حيث كان المجتمع يعيش الطيبة والنقاء والعفوية بكل تفاصيلها، رحم الله الفقيد الحاج سيدي محمد بن أحمد الصديقي جزاء على ما قدم في حياته. وتغمده بالرحمة الواسعة والغفران، سائلين الباري عز وجل أن يطيب ثراه ويسكنه فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء. وإنا لله وإنا اليه راجعون.