مشروع تصميم تهيئة مدينة الجديدة تحت المجهر
سنسلط الضوء خلال هذا المقال على مشروع تصميم تهيئة مدينة الجديدة، وهو موضوع بالغ الأهمية نظرا للاهتمام البالغ لسكان الجديدة بحيثياته و أهدافه، وذلك من أجل تقديم جميع الملاحظات والاعتراضات التي يرغب سكان المدينة في إنجازها، حتى يتسنى للمجلس البلدي و السلطات دراستها وأخذها بعين الاعتبار بنظرة متكاملة وشمولية من اجل إعادة تأهيل المدينة على المستوى العمراني، والبنيات التحتية طبقا لتطلعات السكان واحترام مشاعرهم.
انطلقت منذ عدة أيام أشغال تهيئة مدينة الجديدة بميزانية قدرها 51 مليار سنتيم.ويعد هذا البرنامج جزءا من برنامج وطني شمولي لتأهيل المدن المغربية. وهو برنامج إيجابي سيساهم دون شك، في تهيئة المدينة وتنميتها، ولا يمكن إلا الترحيب به وتثمينه. لكن النظرة النقدية تفرض علينا التساؤل حول الإطار السياسي والإداري لذلك؟ وما مدى انتقائية أشغال تهيئة مدينة الجديدة وعلاقتها بتصاميم التهيئة والبرامج الوطنية والمخططات الجماعية للتنمية؟ وهل يتعلق الأمر بتهيئة مندمجة، أم بمشاريع ظرفية معزولة قصد…؟وماذا عن محور المدينة العتيقة وحماية التراث الثقافي وتثمينه، ومحور محاربة السكن غير اللائق، ومحور تهيئة الأحياء الشعبية كالقلعة مثلا و الفضاءات الخضراء؟ماذا عن ترميم المآثر التاريخيةومعالجة الدور الآيلة للسقوط؟ماذا عن الأحياء الناقصة التجهيزو إعداد البنيات الأساسية و شبكة الماء و الكهرباء، وإنجاز الطرقات و المرافق العمومية للأحياء ناقصة التجهيز؟
ومن جهة أخرى،تثير هذه الأشغال عددا من الملاحظات والأسئلة، تتعلق بعلاقتها مع البرامج السابقة، ومدى ارتباطها جميعا بتصاميم التهيئة والمخططات الجماعية المعلنة للتنمية.مع العلم أن هناك عدة مجالات ومشاريع متعددة ذات أهمية بالغة للمدينة لم تبرمج، ومنها مشاريع جاهزة مثل المجازر وسوق الجملة وفضاء خاص للأطفال وتأهيل الأسواق وتحرير الملك العمومي وإيجاد حل ناجع للباعة المتجولين.والحال، أن غياب أو سوء التخطيط الحضري غالبا ما يؤدي إلى عدة سلبيات مثل: ضياع الجهود والإمكانيات المالية (ومثاله إعادة إصلاح طرق أو أمكنة سبق إصلاحها قبل سنوات قليلة، أو إصلاحها اليوم وإعطاء الرخص لحفرها أو إفسادها في اليوم الموالي)، وتطوير قطاعات أو مجالات حضرية معينة على حساب أخرى (إعطاء الأهمية لتهيئة مناطق معينة أكثر من غيرها)، واتخاذ قرارات غامضة في شرعيتها وأهدافها (ومثاله ظاهرة إعادة تبليط المساحة المحيطة بمسرح محمد سعيد عفيفي بعد هدرأموال طائلة من المال العام)…، وما إلى ذلك مما لا مجال للتوقف عنده.
الكل يلوم السلطات الإقليمية و المجلس البلدي على انطلاق الأشغال دون عقد لقاء تواصلي يروم إشراك كافة الفاعلين في إطار ديمقراطية تشاركية، من أجل إعطاء فرصة لفتح النقاش وتقريب الرؤى وإعطاء إمكانية التعرف عن قرب على أهم ما جاء به مشروع تصميم التهيئة، والقضايا المتعلقة به، والاستماع إلى مقترحات وملاحظات المتدخلين والفاعلين الجمعويين والسكان.ذلك أن فعاليات المدينة والصحافة لم تتعرف بوضوح على هذا البرنامج، كما لم تطلع على أي تقييم له، مما يدل على أن هناك بعض العقليات المتحجرة التي مازالت لم تستوعب الإشارات الثاقبة لعاهلنا المفدى محمد السادس نصره الله. وٱخر إشارة ما وقع بالرباط قيما يعرف بقضية ” الفراشة “.
من جانب ٱخر يعتبر البعض انطلاق الأشغال في هذه اللحظة حملة انتخابية سابقة لأوانها، ويرى البعض أن هذه الأشغال تشوبها عدة اختلالات في الشق المالي خصوصا فيما يتعلق بالدراسات. في حين يطالب ٱخرون بتوزيع عادل للتهيئة على جميع الأحياء و في مستوى تطلعات المدينة.
نتمنى صادقين أن تتم هذه الأشغال بكل شفافية وبأن لا تكون مدرجة في إطار سياسة ما يسمى ” لعكر على لخنونة “.